الحمد لله . أما بعد :
فالزنا من كبائر الذنوب فقد قال الإمام أحمد رحمه الله : لا أعلم بعد القتل ذنباً أعظم من الزنا ، واحتج بحديث عبد الله بن مسعود أنه قال: يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله ندّاً وهو خلقك ، قال : قلت : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ، قال : قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزني بحليلة جارك " ، فأنزل تصديقها في كتابه ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ... الآية ) الفرقان/68 . والآيات هي : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )
وقال تعالى: (و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً)[ الإسراء:32]
وفي حديث الإسراء (فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها وفيها رجال ونساء عراة فقلت من هذا ...) وفي آخر الحديث (والذي رأيته في الثقب فهم الزناة) رواه البخاري . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن) قال عكرمة قلت لابن عباس كيف ينزع الإيمان منه قال هكذا وشبك بين أصابعه ثم أخرجها فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه) رواه البخاري.
فالزنا من كبائر الذنوب وموجب لسخط الله وعقابه ومن ألم بشيء من ذلك فيجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من عمل الخير فإن الله يغفر لمن تاب ، ورجع إليه وأناب قال جل ذكره (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر : 53]
وعلي من وقع في هذه الكبيرة الإكثار من الصالحات والصدقات فقد قال تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود : 114] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ).
وعلى من وقع في شيء من هذا أن يستتر بستر الله سبحانه ولا يخبر به أحداً ولا يفضح نفسه بعد ما ستره الله ويلزم التوبة والإنابة إلى الله سبحانه. والله تعالى أعلم .